وادي ريغ
تعتبر منطقة تقرت عاصمة وادي ريغ التي لعبت دورا هاما فبي المنطقة حيث أطلق عليها المؤرخون بصحراء قسنطينة
لقد أشار الأستاذ » بالوط « في دروسه على » ما قبل تاريخ الصحراء « إلى أنه من الممكن حسب حجر الصوان المنحوت المجمع في وادي ريغ بأن هذه المنطقة سكنها القفصيون بين 9000 و 3000 سنة قبل الميلاد
أما تسمية وادي ريغ فأصلها يرجع – حسب المؤرخين- إلى قبيلة ريغة وهي فرع من قبيلة كبيرة من بني زناتة ، أقامت بالمنطقة في القرن الخامس عشر.
في عهد الرومان كانت المنطقة مسرحا للأحداث حيث كان يلتجئ إليها الفارين من الرومان بسبب الفوضى والفزع وعدم الإستقرار.
لم يحتل الرومان وادي ريغ بل إكتفوا بشن حملات في شكل دوريات متقطعة من طرف لفيفهم المرابط في بلاد الزاب المجاورة.
في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي بعث القائد عقبة بن نافع الفهري بأحد أصحابه حسان بن النعمان لتغيير الحكم وقيادة البلاد الواقعة بين بسكرة وورقلة
حسب العارفين بتاريخ البلاد بان الملازم حسان لقب بالحشاني وإليه أنتسب رجال الحشان وبذلك أصبحت تنظم في كل سنة في بداية الخريف حضرة » رجال الحشان « بهذا الحدث
في القرن العاشر والحادي عشر خضعت تقرت (وادي ريغ) لنفوذ الإباضين الذين إنحدروا من الشمال وألتجؤا إلى ورقلة وسدراتة (وادي مئة).
خلال الهجمة التي شنها الهلاليون على قصور وادي ريغ ، وقعت المنطقة تحت سيطرة سلاطنة بني حماد ( الحضنة ). إثر ذلك صار لتقرت محافظيها الخاصين ( بني عبيد الله ) الذين كانوا من ريغة المحليين وكانوا يعتنقون المذهب الإباضي.
أسند ابن خلدون خراب المنطقة لابن غنية الذي قام بهجومات تخريبية في وادي ريغ مع الموحدين وبذلك خضعت البلاد إلى الموحدين ، ثم الحفصيين وأسندت إلى » ابن المزني « ا لذي تولى حكم بسكرة باسم هذه العائلة
إنتشر المذهب المالكي في المنطقة عن طريق الحجاج القادمين من المغرب متجهين إلى البقاع المقدسة بواسطة القوافل ، ضمن هذه القوافل وصل إلى تقرت السلطان » محمد بن يحي الإدريسي « الذي حكم منطقة وادي ريغ مدة 40 سنة وكان من أهم ناشري المذهب المالكي في المنطقة
في سنة 1445 تربع على عرش منطقة وادي ريغ السلطان » الحاج سليمان بن رجب بن جلاب « المريني مؤسس حكم بني جلاب الذي دام مدة 4 قرون
في سنة 1528 تأسس بايلك قسنطينة فنصب بايات منتدبين في الجنوب هما شيخ عرب دواودة والسلطان الجلابي في تقرت
في سنة 1552 قام الباشا » صالح رايس « بحملة عسكرية على مدينة تقرت بسبب تمرد أهالي تقرت والمدن المجاورة من ورقلة على القيادة المركزية ورفضهم لدفع الجباية والغرامة وتحديهم بإعلان إنفصالهم عن حكم الأتراك وإستقلالهم عن البايلك ، فتصدى لهم الباشا وحاصر مدينة تقرت بـ 4000 جندي منهم 3000 راجلين و 1000 راكب واستسلمت بعد 3 أيام
في سنة 1788 تحاصر مدينة وادي ريغ من طرف الباي صالح الذي تمكن مع جنوده دخول وإقتحام المدينة التي ثقبت أسوارها بالمدفعية وبذلك خلع الشيخ عمر ونصب مكانه الشيـخ أحمد وهناك أخذ الباي صالح رستم التولية المتعاقد عليها في الإتفاقية ، بعدها رجع إلى قسنطينة وقد أخضع تقرت وضواحيها لبايلك الشرق.
في سنة 1844 إحتل الفرنسيون بقيادة » الدوق دومال « مدينة بسكرة وفرضوا على السلطان عبد الرحمان بن جلاب ضريبة سنوية مقدرة بـ 20000 فرنك مقابل إعترافهم بسيادته على وادي ريغ وسوف.
في 25 جانفي 1852 هاجم سلمان الجلابي وأتباعه قصر تقرت وقضوا على عبد الرحمان الموالي للفرنسيين واستولى على العرش وانخرط في حزب المناضل محمد بن عبد الله وتنكر لكل إتفاق مع الفرنسيين
في 11 نوفمبر 1854 إقتحمت القوات الفرنسية بقيادة الرائد » مارمير Marmier « تقرت وبعد مقاومة عنيفة إلى غاية 27 نوفمبر إحتمى بأسوار المدينة ، وبعد محاصرته 10 أيام إضطر للهروب إلى وادي سوف ثم إلى تونس وعوض بابن عمه عبد القادر الذي لم يتجاوز عمره 20 سنة وجعلوه تحت وصاية أحمد بن الحاج بن قانة
بتاريخ 5 ديسمبر 1854 إستولى الجنرال » ديفو DEVAUX « على عاصمة بني جلاب وقد إنتهز الفرنسيون إنسحاب محمد بن عبد الله وسلمان إلى تونس ليواصلوا زحفهم نحو الجنوب وكسر شوكة الأهالي بإستعمال أساليب القمع لإرهابهم وإخضاعهم نهائيا وقتل روح الثورة فيهم
بتاريخ 13 ماي 1871 إنتهز محمد بن التومي بن إبراهيم المعروف » بوشوشة « فرصة غياب الآغا علي باي الموجود بعساكره بعين الناقة ، واستولى على مدينة تقرت بعد القضاء على الثكنة التي كانت تحت قيادة الملازم » موسيلي « Mousselli ونصب ناصر بن شهرة كخليفة لمدة ( 07 ) أشهر.
في 27 ديسمبر 1871 جهزت القوات الفرنسية جيشا قويا بقيادة الجنرال » دولاكروا DELACROIX « وأعاد الإستيلاء على المدينة
قبل سنة 1954 ظهرت حركات وطنية عديدة إستطاعت أن تتمركز في المنطقة
في بداية الخمسينات تمكنت القوات الفرنسية من إيقاف قادة ومناظلوا حزب الشعب الجزائري بتقرت وورقلة
مباشرة بعد إعادة التنظيم الذي تبع مؤتمر الصومام ألحقت منطقتي ورقلة وتقرت بالمنطقة الخامسة للولاية السادسة
رغم طبيعة المنطقة التي لم تكن سهلة للقيام بالهجومات فقد وقعت فيها عدة معارك ( خاصة معركة قرداش
تاريخ 19 نوفمبر 1957 كان دمويا في تقرت حيث عثر على وثائق في ثياب جثمان مسؤول قد سقط في ساحة الشرف ، سمحت للفرنسيين باعتقال 2500 مناضل ومن ضمنهم بوليفة حمـه عمران ابن عم محمد وتوتسي لزهاري وهما مسؤولين سياسيين في المدينة وأعدموا دون أي صيغة حكم
لكن أهم المشاغل الأساسية لسكان هذه المنطقة هي محاولة السلطات الفرنسية عزل الصحراء عن باقي الجزائر.
للتعبير على هذه المشاغل والمحافظة على وحدة التراب الوطني وقعت مظاهرات منها يوم عيد الفطر المبارك بتقرت والثانية يوم 27 فيفري